لقد شبه الله المجتمع المسلم بالسفينة، تلك السفينة التي تمخر عباب الماء لتقل راكبيها إلى بر الأمان، وهي عامرة بإنطلاقتها، وفطرة الله في خلقه -الذين يركبون تلك السفينة- إختلاف آرائهم، فمنهم من يريد سير تلك السفينة بسلام حتى النجاة، ومنهم من يريدها تغرق قبل النجاة، بقصد أو بغير قصد.
لذا ظهرت طائفة من الأمة ترشد الذين يريدون إغراق تلك السفينة بهدف نجاة الجميع وسعياً للوصول إلى بر الأمان، فقد ينجو الجميع، وهذا ما أورده لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
وتلك الطائفة أو الفرقة تتجسد في -هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- ذلك الجهاز الذي أنشئ بهدف سام لإرشاد من يريد الخروج عن الصراط المستقيم الذي ينتهي بالنجاة، سواء كان خروجه بضلال أو من باب الجهل، والنتيجة أن الفائدة لجميع أفراد المجتمع، ذكوراً وإناثاً كباراً أو صغاراً، والفائدة إيجابية دون إستثناء ولا شك وبدون ريب، علمها من علمها وجهلها من جهلها.
ولكن للأسف أن نرى في هذه الأثناء فئاماً من الناس يرمون ذلك الجهاز بالأباطيل ليحد من صلاحياته، دون تجرد في النصح وشفافية في النقد، ولنكون أكثر إصابة لكبد الحقيقة يجدر بنا أن نستثني ونقول: إلا من رحم ربي، وأيضاً هذه من سنن الله في خلقه، فما من نبي بعث إلا وعارضته فئة، بل قد يحارب أو يتآمر عليه بقتله، ولعل أشد إثبات لذلك ما جرى لنبينا صلى الله عليه وسلم مع قريش، حيث كان نهاية تآمرهم الرغبة في قتله صلوات الله وسلامه عليه، ولكن كانت النهاية النصرة، وهذا ما جرى لكل أنبياء الله، ولا ريب أن البشارة لذلك الجهاز الذي يمتثل أمر الله تعالى، القائل في محكم التنزيل، قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:104] الآية، هي الخيرية للأمة والأمان لها.
ورغم من يقتنص أخطاء ذلك الجهاز للهدف الآنف الذكر وللتآمر عليه، مع أننا كلنا خطاءون إلا أن قوته تزداد في النفوس ومهابته باقية رغم أن لكل إيجابيات وسلبيات.
وهنا أقول إلى العاملين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: صبراً على ما تواجهون من مشاكل، وصبراً على من يزعم التطاول عليكم، وإن كانت السهام تراش نحوكم من كل مكان، إلا أن القدير سبحانه وتعالى يدافع عنكم مهما طال بهم الزمان في رمي السهام، بل قد تكون نهاية الرامي بسهمه الذي في جعبته.
والله من وراء القصد...
الكاتب: عبد الله بن صالح السديري.
المصدر: موقع المحتسب.